السبت 23 نوفمبر 2024

_ انتي حاطة كُل الميك اب دا وباباكي لِسة مـيت؟

انت في الصفحة 5 من 23 صفحات

موقع أيام نيوز

 لأنها فاكراني اتهبلت، وسابتني اكلم نفسي !

وقفت قُدام المرايا، وانا حاسة بكُتلة نار من الغَضب، أنا خِلصت من بابـا وكُل اللي عيشتُه زمان، مش هيطلعلي شخص تاني يفرض تحكُماتُه عليَّا،

قعدت بيأس علي السرير ومش عارفة اعمل ايه، ودماغي مُصرة متنساش وكأن الظروف بتقولها تِفضل فاكرة !

_ بابـا انت بتقفل عليَّا ليه؟

جالها صوتُه من ورا الباب بكُل قسوة:

_ هتُقعدي هِنا طول الليل، لحد ما تعرفي غَلطك.

اتكلمت بنبرة مُغلفة بعياطها:

_ أنا اسفة مش هلعب معاهُم في الشارع تاني، وهسمع كلامك، بس متقفلش عليَّا.

_ أنا قولت كِلمة، عشان تعرفي لما أحذرك وتكسري كلامي وتنزلي تلعبي مع ولاد الجيران، ليه بنتي متربتش تلعب مع ولاد؟ قولتلك من يوم ما اتحجبتي انك المفروض بقيتيِ مُلتزمة وتنسي اللعب في الشارع وقِلة الادب دي،

عيطت بشهقة:

_ خلاص مش هتتكرر ولله يا بابا.

تجاهلها وسمعتُه بيوجهه كلامُه لأمها بصرامة:

_ اقسُملك بالله يا هالة، لو فتحتِ لها لـ تكوني طالق.

ردت امُها بقلة حيلة:

_ طب بلاش اوضة الخزين، احبسها في اوضتها، نورها بيرعش وممكن يقطع في أي وقت وهي بتخاف من الضلمة.

بصلها بسُخرية:

_ بطلي دلعك الملزق، خليها تتعاقب عشان تتعلم.

_ أنا اللي قولتلها تلعب، بلاش بقا حوار الحبس دا، دي صُغيرة عليه اوي، ما انت ضربتها من شوية وخِلصنا !

_ بطلي كِدب ياولية انتي، مش لِسة قايلة أنها قعدت تلعب لما بعتيها تجيب الطلبات واتأخرت؟ يبقي تتحمل نتيجة أفعالها..

سابهُم ونِزل للجامع، بعد ما كَسر نِفس بنتُه وعاملها بقسوة مُخالف كلام ربنا ورسولُه انُه يستوصيّ بِهم خيرًا ويعاملهُم بالرِفق والليَّن، نزل للجامع بكُل سَطحية، ودا نموذج من الشخصيات الااذدواجية القاسية، اللي عايشة وسُطنا، مستخبية ورا إطار الشيخ المُسالم اللي بيصدرها لغيُره، بالنقيض تمامًا مع رجال دينَّ تستحق كلمة شيخ مُسالم ومُتدين فعلًا..

إنما "يـثربّ" قعدت تعيط من ورا الباب بخوف وهي شايفة الضوء بيقل وهيقطع خالص وتبقي في عَتمة، وترجت امُها اللي بتكلمها عشان تخفف عنها وحدتها:

_ افتحيلي يا ماما أنا خايفة !

_ ما باليد حيـلة يابنتي، حِلف بالطلاق، استحملي يا ضنايا وسواد الليل وهخرجك.

قُومت مرة واحدة من علي السرير، بعد ما صوت رن موبايلي صحاني من دوامة كوابيسي، وكانت "دهـب" اللي بتتصل، رديت عليها

_ اتأخرتي ليه؟ ولا رجعتي في رأيك؟

_ لأ أنا جاية، الطريق زحمة بس

_ طب أنا بعتلك اللوكيشن، وكتبتلك هنروح فين بعدها موافقة عادي ولا هترفضي.

فتحت الواتساب سريعًا وعرفت هيروحوا فين، ابتسمت، أنا هجرب كُل حاجة وهعيش الدُنيا اللي معرفهاش، أكدت عليها:

_ أيوة جاية.

_ دا ايه التغيرات الحلوه دي، حمدالله علي سلامتك.

قفلت معاها، أنا مِش هعيش الباقي من حياتي، اكرر عذاب 22 سنة تاني، لأ لحد كدا وكفاية،

مش هسمحلُهم ولا حتي لـ" فـارس" ،

قومت من علي السرير، بـ إصرار، وانا كُنت ناسية تمامًا حوار الشباك اللي في اوضتي دا، شباك صُغير بيبُص علي البلاكونة بتاعتنا في الصالة، بما أن بابا كان مانع يبقي في اوضتي اي حاجة بتبُص علي الشارع.. روحتلُه وفتحتُه ووقفت علي كُرسي التسريحة، وطلعت ونطيت منُه..

بقيت جوا البلاكونة نفسها، فتحتها براحة جدًا وبصيت برا، ملمحتش مامـا ولا "فارس" تقريبًا مشي، خرجت بتسحب زي الحرامية، لحد ما وصلت لباب الشقة، وماما كانت مشغولة في المطبخ، فتحتُه بس مقفلتوش عشان صوتُه.. ونزلت الشارع تاني بل وغيرت الاتجاه اللي همشي منُه، عشان مـ صادفهوش تاني، مع انُه مش ساكن في شارعنا بس للأحطياط.. واول ما وصل الاوبر ركبت عشان اروحلُهم، وانا فخورة بأني بقيت بـُرد جـُزء من شخصيتي الضايعة...

_ أنا مِش مَصدق هو انتي يـثربّ ولا خيال؟

_ دي حقيقة واحلا حقيقة يابني، كُنتي مخبية كُل دا ليه من الاول يابنتي.

أبتسمت بمُجاملة ليهُم، فـ جات "دهـب" قعدت علي الطرابيزة، وهي بتتكلم:

_ اكيد منستيوش يـثربّ يا جم١عة، بس انا انبسطت من تغيُرها دا جدًا وأنها قررت تبقي معانا.

_ بس قلعتي النقاب يعني؟

بصيتلُه بجمود، بس "دهـب" تدخلت وردت هيّ:

_ وانت دخلك ايه ياسي زياد، كدا احسن.

_ ياستي بسئل هو السؤال حرام ! أصلها كانت مُتشددة اوي وقافلها، فـ مُستغرب.

_ لأ متستغربش، براحتها، تعالوا بقا كأننا بنتعرف من جديد عشان يثـربّ، بُصي بقا دا زياد وأحمد ومحمد ودي نوارة ونِسمة انتي عارفاهم اكيد.

اتكلمت أخيرًا بعد صمت كبير:

_ ايوه طبعًا، ومبسوطة أن اتعرفت عليكوا تاني.

"احمد" رد بـ ابتسامة مُشاغبة:

_ ولله احنا اللي انبسطنا واتشرفنا كمان.

حدجتُه "نوراة" بتحذير، وبدأت تتكلم من تحت ضِرسها:

_ طب ايه هنقضيها احتفالات بوجود يـثربّ، هنروح النايت كلاب أمتي، قولتوا بليل،.

بصتلي "دهب" بحماس:

_ يلا بينا يا يثـربّ، اوعدك هتتبسطي اوي.

حسيت أن اتررددت لدقائق، الترددُ والحيرة اللي بتواجهني في أي فِعل جديد اعملُه علي شخصيتي،

انت في الصفحة 5 من 23 صفحات