تكملة العهود المحطمة (كاملة جميع الفصول)بقلم ديانا ماريا
لم ترد سلمى وهى تحدق في نقطة بعيدة شاردة، لا تدري هل هذه الخطوة الصحيحة لتفعلها أم تكتفي بطلاقها منه؟
تذكرت طفلها مروان والآخر الذي ينمو في رحمها، لا ترغب بأن يعايرهم أحد في المستقبل بالوالدهم رغم أنه كاد أن يكون سبب مoت أحدهما!
كانت عائدة للمنزل بعد أن أوضح لها المحامي ما يحدث وما هى الإجراءات القانونية التي سيتخذها قريبا.
سألتها رنا: أنتِ هتروحي البيت هناك بردو
أجابت بهدوء: أيوا البيت من حقي بما أني مخلفة منه وكمان حامل يعني حاضنة ولو أني مش طايقة أقعد فيه بس معنديش مكان تاني دلوقتي.
كانت رنا على وشك الدخول معها حين قالت: هاتي لي مروان يا رنا أنا هستناكم جوا.
رنا بدهشة: إزاي! طب لو حد كان جوا و.....
قاطعتها سلمى بإصرار: متخافيش عليا وبعدين خالي يوم الحادثة قال إني كنت لوحدي يبقى أكيد مش هيبقى عندهم جرأة يجوا تاني.
أومأت رنا بإستسلام ثم غادرت بعد أن تأكدت من دخول سلمى للعمارة بسلام حتى تحضر لها أبنها.
بعد أن دلفت الشقة نظرت حولها ووقعت عيونها على المكان الذي وقعت فيه، كان مازال هناك أثر د.ماء لم تُنظف بعد.
أقتربت بخطوات بطيئة من المكان ثم توقفت، تذكرت الحادثة وهى ترتعش وكم شعرت أنها قريبة من فقد طفلها الذي بدأت تتعلق به.
انهمرت دموعها، لم يكن الذي أذاها شخص غريبا عنها بل من المفترض أنه أقرب شخصا إليها والذي تحتمي به ليكون أمانها!
سمعت صوت حركة فالتفتت حولها بريبة، خرج نادر من غرفة النوم لتنظر له بذهول.
توقف هو أيضا مقابلها ينظر لها بنفس الذهول حتى قال بشك: أنتِ بتعملي إيه هنا؟
نظرت له ببرود: هكون بعمل إيه؟ راجعة بيتي طبعا.
اتسعت عيونه بتعجب وهو ينظر لها، كأنه لم يتوقع ردها ولا حتى وجودها هنا حتى.
قال بتردد: أنتِ كنت في المستشفى
أبتسمت بسخرية: يهمك أوي تعرف؟ مع أنه يومها سيبتني أنز.ف لحد ما كنت هموت.
أبتسم بمكر ثم قال: أنا شايفك بقيتِ كويسة أهو، حتى رجعتِ هنا تاني، هى حماتي رجعتك ولا إيه
زفرت بحنق ثم قالت بإحتقار: مش محتاجة حد يرجعني ده بيتي اللي هقعد فيه أما أنت واللي زيك هتطلعوا برة.
رفع حاجبه وقال وكأنه مستمتع بالتحدث إلى طفلة صغيرة ومجاراتها: اه طبعا وأنتِ اللي هتخرجينا برة؟
ردت سلمى بحدة: مش عجبك ولا إيه؟
ضحك بمرح ثم نظر لها بخبث: لا طبعا عاجبني يا حبيبتي بس الظاهر أنه نسيتِ حصلك ايه آخر مرة لما فكرتِ تقلي أدبك عليا؟
تحرك نحوها ووجدت في عيونه التهديد بأنه على وشك تكرار فعلته.
صرخت به بخوف: لو فكرت تلمسني مش هيحصل كويس
حدق بها بخبث وهو يقترب ببطء: ومين يا حبيبتي اللي هيفكر يمنعني ها؟
نظرت حولها بخوف وذعر حتى تفكر في شيئ ينقذها، عندما رأى خوفها وذعرها ازدادت ابتسامته اتساعا لأنه التمس في خوفها شعور بالرضا داخله.
رن جرس الباب فتوقف جامدا مكانه أما سلمى فأبتسمت بدورها في وجهه إبتسامة لم يفهمها.
رن الجرس مجددا فتحرك ليفتحه وهو ينظر لها بريبة
فتح الباب لي شرطي مع ثلاثة عساكر يقفون أمامه فنظر لهم نادر وقد شحب وجهه بشدة أما سلمى فنظرت له بإنتصار.
قال الشرطي: أنت نادر عبد المنعم
لم يستطع الكلام فقالت سلمى بنبرة عالية من مكانها: أيوا هو يا حضرة الضابط.
نظر له الضابط بصرامة: مطلوب القبض عليك أنت ومراتك مدام شيماء جلال، هى فين؟
تقدم عسكري ليقيد يدي نادر بينما كرر الضابط سؤاله: فين مراتك التاني
نطق نادر أخيرا بصوت ضعيف: عند أهلها.
قيدوه بالاصفاد ثم غادروا بعد أن أكد الضابط على سلمى في الحضور لإكمال الإجراءات اللازمة.
حين غادروا كانت رنا على باب الشقة مع مروان ولكن لم يرى مروان والده لأن رنا ضمته إليها، ثم أسرعت للداخل.
وجدت سلمى جالسة على الأريكة وهى تضع يدها على بطنها ومغمضة عيونها ويظهر على وجهها الإنهاك
أسرعت لها بقلق: سلمى أنتِ كويسة؟
تنهدت سلمى ثم قالت بصوت منخفض: الحمدلله يا رنا بخير.
فتحت عيونها وحدقت إلى مروان، قالت بلهفة وهى تمد يدها إليه: حبيبي وحشتني.
أسرع مروان إلى أحضانها فعانقته بقوة وإشتياق.
سألها مروان بصوت منخفض: كنتِ فين يا ماما؟
سلمى بصوت مُجهد: كنت تعبانة شوية يا حبيبي وأنا رجعت أهو.
نظر لها بتساؤل: طب بابا فين؟ ومكنش بيسأل عليا ليه؟
نظرت له سلمى بحزن ولم تجد ما ترد به عليه.
قالت رنا بسرعة لإلهائه: مروان يا حبيبي ايه رأيك تروح تجيب آيس كريم من تحت
نظر لها مروان بحماس فأعطته النقود ليهبط.
حين تأكدت رنا من مغادرته التفتت لسلمى التي هبطت دموعها وقالت بنبرة جدية: خلاص قررتِ هتخليه يدخل السجن؟
زفرت بشدة وردت بنبرة مرتعشة: صدقيني كنت لحد آخر لحظة بفكر بجد أعملها ولا لا، جزء مني بيفتكر اللي عمله فيا وفي إبنه وكنت هخسره بسببه فبحس أني ناحيته بالكره والاحتقار وجزء مني بيفتكر مروان واللي في بطني وبحس أني مش عايزة في يوم يعرفوا اللي حصل وإني سجنت والده
صمتت وهى تزدرد ريقها بصعوبة ثم تابعت والاشمئزاز يظهر على وجهها: لكن أنتِ مشوفتيش اللي أنا شوفته يا رنا، لما وصلت هنا وشوفته وبصيت في عينيه، مكنش فيه أي ذرة ندم على اللي عمله يا رنا، شوفت في عينيه أنه مستعد يكرر اللي عمله تاني، اترعبت بجد يا رنا كنت خائفة أوي، إزاي أنا كنت عامية عن حقيقته كل السنين دي، يا ترى دي كانت حقيقته من البداية ولا هو اتغير مع الوقت؟
ضمتها رنا إليها بقوة وهى تقول بحزن ممزوج بالعطف: متزعليش نفسك يا حبيبتي هو يستاهل كدة وأكتر كمان، الحمدلله أنه المحامي قالك تقدمي بلاغ ضده الأول.
أومأت سلمى برأسها وهى تتذكر حديث المحامي الذي نصحها بتقديم بلاغ ضد نادر وتقديم تقرير المستشفى الذي يوضح أن ما حدث لها كان دفعة متعمدة ومقصودة.
فجأة دلفت والدتها للشقة ووقفت أمام سلمى تنظر بغضب وصاحت بها بصوت عالي: أنتِ إزاي تسجنِ جوزك يا هانم؟
فتحت سلمى عيونها وهى تنظر لوالدتها الغاضبة دون أن ترد عليها أو تُبدي أي رد فعل
قالت رنا بتعجب: في إيه يا خالتي؟ مالك جاية كدة ليه ؟
تحدثت خالتها بحنق وهى تشير لسلمى غاضبة: سمعت أنه الهانم حبست جوزها وبلغت عنه فجيت أشوف الفضيحة ده قبل ما الناس تأكل وشنا، هيقولوا شوفوا اللي سجنت جوزها أبو عيالها أهى.
تماسكت سلمى وأغمضت عيونها تحاول ألا تنفعل قدر استطاعتها، وضعت يدها على بطنها وهى تتنفس بعمق لتهدأ الغضب الذي بدأ ينمو داخلها.
نهضت رنا ووضعت يدها على كتف خالتها: لو سمحتِ يا خالتي تعالي معايا أنا هفهمك كل حاجة.
أبعدت يدها بحدة وهى مازالت تنظر إلى سلمى: مش رايحة في حتة أما أشوف الهانم اللي هتفضحنا دي آخرها إيه!